بحث فى الوصية الواجبة

 

بحث في
الوصية الواجبة  في الشريعة الإسلامية
بين القبول والرفض

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله خير خلقه والبشير النذير والسراج المنير والمبعوث الى كافة الخلق وعلى اله وأزواجه الطيبين الطاهرين .

    وبعد
 لقد كرم الله بنى ادم بان انزل لهم من التشريع ما يصلح أمورهم فى الدنيا والآخرة وفتح لهم من أبواب الخير ما يمكن ألمراء من تدارك ما فأته من العمل الصالح وما قصر فى تحصيله من أعمال البر والخير فشرعت الوصية ليكون خيرا للفرد والمجتمع وبابا للبر والرحمة والإحسان وعملا صالحا ينفع ولا يضر .

 لذا كان للوصية من الأهمية التي دعتنا لتقديم هذا البحث راجين من الله ان يوفقنا فيه الى صائب القول وثمرة الاجتهاد .
                                                                       أعداد الأستاذان
                                                                      على احمد إبراهيم
                                                                   هاني عبد الحق البحيرى 
                                                                               المحاميان 
                                                       الاستئناف العالي ومجلس الدولة
مقدمة
* الأصل في الوصية أنها مندوبة أو مستحبة ندب أليها الشارع برا بالاقربين وصدقة على الفقراء والمحتاجين ولا تجب على الشخص إلا إذا كان قد فرط فى حياته في حق من الحقوق المالية الواجبة لله تعالي كالزكاة والكفارات المالية او يكون عليه حق للعباد كالدين والوديعة ولم يكن شيء منهما ثابتا عن طريق وثيقة او شهادة الشهود ففي كل هذه الأحوال يجب على الشخص أن يوصي بشيء من أمواله حتى يمكن سداد مثل هذه الحقوق ووجوب الوصية حينئذ  أمرا دينيا بين الإنسان وربه فان أوصي بأداء هذه الحقوق برئت ذمته وان لم يوصي كان اثما لهذا الترك لان أداء الحقوق واجب ولا سبيل ذلك ألا بالوصية فتكون واجبة لذلك وليس للقانون سلطان عليه فى ذلك .
*  وكانت الوصية في أول الإسلام واجبة للوالدين والاقربين إلي أن شرع نظام الإرث في الإسلام وأصبحت الوصية غير واجبة وان كانت جائزة لغير الوراثين منهم على راي بعض الفقهاء .
*  إلا أن المشرع في القانون الوضعي أوجب منها نوعا جديدا في وضعه ومقوماته فأوجب الوصية لصنف من الاقربين الذين حرموا من الميراث لوجود من يحجبهم عنه فأوجبها بمقدار معين وبشروط خاصة فجعل للأحفاد على جدهم او جدتهم فى حالة معينة وصية تستمد قوتها من القانون ولا تحتاج الى إنشاء من احد فإذا فعلها الشخص طائعا مختار على الوضع الذي رسم فى القانون نفذت كما هي وان لم يفعلها كانت واجبة بحكم القانون وان صدرت هذه الوصية من الموصي على وجه يخالف ما وضعه القانون لها من نظم وأحكام تدخل القانون لتعديلها على النحو المبين فيه وهو الأمر الذي يعد خروجا من المشرع الوضعي حتى لأراء الفقهاء المؤيدون للوصية الواجبة  .
* ولما كان من خلافات فقهية ومشكلات عملية من تطبيق الوصية الواجبة الأمر الذي دعنا للبحث في أراء الفقهاء من مؤيد ومعارض للوصية الواجبة وحجة كل رأي وأسانيده الشرعية التي استند إليها في تكوين عقيدته .
لذلك
                        يكون بحثنا في الوصية الواجبة على النحو التالي
أولا :- تعريف الوصية .
ثانيا :- الآراء المؤيدة  للوصية الواجبة وحجيتها وأسندها .  
ثالثا :- الآراء المعارضة للوصية الواجبة وحجيتها وأسندها . 
رابعا :- رأي الباحث في الوصية الواجبة .

المبحث الأول
تعريف الوصية
 1)- الوصية في اللغة :-
  هي أن يطلب الإنسان فعلا من غيره ليفعله في غيبته حال حياته أو بعد وفاته ، وتطلق الوصية أيضا– على الشيء الموصي به كان يقول شخص دارى وصية لفلان ومن ذلك قوله تعالي( من بعد وصية توصون بها أو دين ) سورة النساء من الآية 2 .
وسميت وصية :- لان الموصي يصل بها ما كان في حياته بعد مماته أو لان الموصي يصل خير دنياه بخير أخرته لقول صلي الله عليه وسلم ( إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاثة أشياء : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) نيل الاوطار ج6 ص 18 .
 2)- الوصية في اصطلاح الفقهاء :-
  في اصطلاح الفقهاء لها تعريفات مختلفة حسب مذاهبهم لكنه اختلاف شكلي لا يمس الجوهر والمضمون فعرفها صاحب الدر المختار من الحنفية بأنها : ( تمليك مضاف إلى ما بعد الموت على وجه التبرع )) .
وقال صاحب المغنى من الحنبلية ( الوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت )) .
وفي مغنى المحتاج عرفها الشربيني بأنها ) تبرع بحق مضاف ولو تقديراً إلى ما بعد الموت ))
فخلاصة التعريفات أنها :-
                          ( تصرف في التركة مضاف لما بعد الموت )
ويذلك لا يدخل في معني الوصية الإعارة والإباحة والوديعة ولو قيد ذلك كلها لما بعد الموت لأنه لا تمليك فيه كما انه لا يدخل في معني الوصية المنجز من التمليكات كالبيع والهبة والإبراء من الدين لان ذلك كله ليس من قبل ما يضاف الى ما بعد الموت بل هو من المنجزات ، كما لا يدخل في معني الوصية التمليكات المضافة إلى غير الموت كالإجارة المضافة إلى وقت في المستقبل .
3)- الوصية في القانون :-
جاء قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فعرف الوصية تعريفا مرنا يشمل سائر مثال الوصية التي أشتمل عليها القانون ونص فى مادته الأولي على انه ( الوصية تصرف في التركة مضافا الى ما بعد الموت ) وهو ما سارت علية محكمة النقض المصرية  .



أوجة الاتفاق والاختلاف بين الوصية الواجبة  والميراث
أولا :- اوجة الاتفاق .
 1)- أن الوصية الواجبة لا تحتاج إلى قبول من الموصي له ولا تردت برده شانها في ذلك شأن الميراث الذي لا يتوقف على قبول من الوارث ولا يردت برده  .
 2)- أن الوصية الواجبة تقسم بين المستحقين لها عند التعدد قسمة ميراث حتى ولو شرط الموصي تقسيمها على خلاف ذلك ألا إذا كان ما شرطه لكل واحد يوفي لنصيبه من الوصية الواجبة  .
3)- أن الوصية الواجبة لا توجد ألا بعد وفاه المورث شأنها شأن الميراث .
4)- القتل العمد العدوان يمنع من الميراث ويمنع الوصية الواجبة ايضأ.
ثانيا :- اوجة الاختلاف .
1)- الوصية الواجبة تثبت تعويضا للفرع عما فأته  بموت أصله في حياته أبيه او أمه بخلاف الميراث فانه يثبت ابتداء دون أن يكون عوض عن شيء ( فريضة من الله ) طالما تحقق فيه شروطه وانتفت عنه موانعه .
2)- في الوصية الواجبة كل اصل يحجب فرعه دون فرع غيرة وفى الميراث كما يحجب الأصل فرعه يحجب فرع غيرة ممن هو ابعد منه .
 3)- الوصية الواجبة يغني عنها ما يعطيه الجد أو الجدة لفرع الولد المتوفى تبرعا بدون عوض والميراث لا يغني عنه شيء من ذلك .
4)- الوصية الواجبة تمنع على أبناء البطون في الطبقة الثانية بإطلاق وليس كذلك في الميراث  فهم يرثون باعتبارهم من ذوي الأرحام عند عدم ذوي الفروض والعصبات .
* وبعد أن وقفنا على تعريف ومعنى الوصية :-
 حيث أجاز الشرع الحنيف للمرء تدارك ما فأته من نقص بعمل خير خلال مسيرة حياته وأجازه التصرف بثلث ماله تصرفاً ينفذ بعد الوفاة أو أكثر من ذلك إذا أجازه الورثة وبشرط أن لا يكون لوارث إلا بإجازة الورثة أيضاً وهذا تصرف متروك لإرادة المرء .
فإن كثيرا من الناس يسأل عن حكم الوصية الواجبة التي نص عليها عدد من قوانين الأحوال الشخصية في العالم الإسلامي ومضمونها :- أن من توفي وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله  المتوفى ,على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة,وهذا في حال عدم إ عطاء الجد لهؤلاء الأحفاد في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية, أو إيصائه لهم كذلك .
**  الأمر الذي دعانا في هذا المبحث لقاء الضوء على الآراء المؤيدة والمعارضة لذلك .
المبحث الثاني
الآراء المؤيدة  للوصية الواجبة وحجيتها وأسانيدها .
في بعض البلاد الإسلامية تأخذ المحاكم بقانون الوصية الواجبة ، وفيه اقتطاع جزء من التركة ويُعطى للأحفاد باسم "الوصية الواجبة" .
والحكمة التي توخاها القانون من أيجاب الوصية الواجبة لفرع الولد المتوفى هي ان فيها حفظا لتوازن الأسرة المادي ولتلافي حالة كثر منها الشكوى وهي ان الولد الذي مات في حياة أبية او امة وترك خلفه ذرية ضعافا فإنهم لا يرثون شيئا من مال جدهم او جدتهم اذا وجد من يحجبهم من الميراث فيضطرب ميزان توزيع الأسرة الواحدة ، وقد يكون المال الذي خلفه الجد من صنع الولد المتوفى أو يكون ساهم في بناء ثروة الجد بنصيب ملحوظ ولا ذنب لاولادة فى الحرمان من هذا المال ألا موت أبيهم المبكر فيجتمع عليهم الفقر واليتم .
ولهذا تحركت قلوب المفكرين من العلماء والفقهاء المجتهدين فجعلوا لهذه المشكلة حلا كريما وأساسه بعض نصوص القران الكريم وأراء بعض المجتهدين من الفقهاء وشرعوا مبدأ وسموه الوصية الواجبة فبمقتضاها لا يحرم أولاد الأبناء مهما نزلوا والطبقة الأولي من أولاد البنات من تركة الجد او الجدة عند وفاتهما .
وحاصل ما عليه هذا القانون : أن الوصية تجب لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ، ولأولاد الأبناء وإن نزلت طبقاتهم بشرط ألا يكون بينه وبين الميت أنثى ، وصية بمثل ما كان يستحقه والدهم ميراثا في تركة أبيه لو كان حيا عند موت الجد .
وبذلك تتحقق العدالة والمصلحة وينضبط ميزان توزيع الثروة داخل الأسرة الواحدة ويعم الخير على كل أبنائها . 
أولاً: المستحقون للوصية الواجبة .

يستحق الوصية الواجبة قانونا فرع الولد ( الولد تعني الذكر والأنثى ) الذي يموت في حياة أبيه أو أمه إذا كان الموت طبيعياً أو حكماً وحكم القاضي بموته ، كذلك تجب الوصية الواجبة لفرع من مات مع أبيه أو أمه في وقت واحد لكما إذا غرقا معا أو انهال عليهما بيت فماتا أو ماتا معا في حريق ولم يعلم السابق منهما.
ونص المادة 76 من قانون الوصية على انه :-
(  إذا لم يوصي الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكما بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثا في تركته لو كان حيا عند موته وجبت للفرع في التركة وصية بقدر هذا النصيب في حدود الثلث يشرط أن يكون غير وارث وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف أخر قدر ما يجب له وان كان ما أعطاه اقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله ) .
وهذه الوصية الواجبة لا تكون لكل فروع الولد المتوفى في حياة أبيه أو أمه مطلقا وإنما حصر قانون المواريث المستحقين لها على النحو التالي:-
 وعليه تكون هذه الوصية للطبقة الأولى من أولاد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الذكور وان نزلوا على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره  فهي تجب لطائفتين من فروع الأولاد وهــــم:-
1 - الطبقة الأولى من أولاد البنات.
 2- أولاد الأبناء من أولاد الذكور وان نزلوا على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره.
ثانيا :-شروط  الوصية الواجبة  
1- ألا يكون الفرع وارثا.
2- ألا يكون المورث قد أعطى هذا الفرع بغير عوض قدر نصيب الثلث.
3- موت الأب أو الأم في حياة الجد أو الجدة أو موتهما معا في حادثة واحدة ولا يعلم أيهما مات أولاً.
4- أن يكون الولد الذي مات في حياة أحد والديه وارثا لو كان حيا وقت الوفاة.
5- ألا يكون هذا الفرع محجوبا بأصله.
6- ألا يكون الفرع ممنوعا من ميراث أصله.
7- ألا يكون الفرع قاتلاً لمن تجب الوصية في ماله عمدا بلا حق آو عذر.

ثالثا : مقدار الوصية الواجبة

قانون الوصية الواجبة جعل مقدارها هو ما كان يستحقه الفرع المتوفى لو بقي حيا حتى مات أصله في حدود ثلث التركة . فان كان أكثر من ثلث التركة كانت الزيادة وصية اختيارية موقوفة على إجازة الورثة .
وان كان المتوفى قد أوصى لمن يستحقون بأقل مما يستحقون يكمل لهم حقهم في الثلث.
منزلة الوصية الواجبة بالنسبة لغيرها من الوصايا:الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا الاختيارية ، فإذا تزاحمت الوصايا بما فيها الوصية الواجبة قدمت الوصية الواجبة وبدء بها من الثلث ، فان بقي من هذا الثلث شيء وزع على بقية الوصايا الاختيارية.

رابعا : طريقة استخراج الوصية الواجبة من التركة .

أولاً : يفرض الولد المتوفى حيا وتقسم التركة على فرض وجوده عليه وعلى الورثة الموجودين ليعرف مقدار نصيبه من التركة لو كان موجودا.

ثانياً : يخرج مقدار نصيب الفرع المتوفى من التركة كما هو إن كان يساوي ثلث التركة أو أقل وان كان يزيد عن الثلث رد إلى الثلث ويقسم هذا القدر (مقدار الوصية الواجبة) على فروع هذا الولد قسمة ميراث للذكر مثل حظ الأنثيين مع مراعاة أنهم إن كانوا فروعا متعددة يأخذ كل فرع نصيب أصله.

ثالثا : يقسم الباقي من التركة بعد إخراج الوصية الواجبة على الورثة الأحياء فيعاد توزيعا جديدا دون نظر إلى الولد المتوفى الذي فرض حياً ويعطى كل وارث نصيبه كما هو الشأن في تقسيم التركات بعد إخراج الوصايا منها .
خامسا : السند الفقهي للوصية الواجبة  
إن أول من قال بالوصية الواجبة هو القانون المصري في قانون الوصية رقم 71 لعام 1946 والصادر بتاريخ 24/6/1946 والذي تم العمل به اعتبارا من 1/8/1946 وتبعه فيه قانون الأحوال الشخصية السوري عام 1953 ثم القانون الأردني وانتشرت الفكرة بعد ذلك في العديد من القوانين العربية  ومنها ( الكويت ، اليمن ، السودان ، المغرب ، الجزائر، تونس ،العراق ، الأمارات ، لبيا ) و قد استند واضعوا القانون لما يلي من أصول الشرع إلى الرأي الذي يقضي بوجوب الوصية للوالدين والاقربين غير الوارثين في قوله تعالى :-
 (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة/180
والقول بوجوب الوصية للأقربين غير الوارثين مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين ، ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث ، ومن هؤلاء : سعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس والإمام أحمد وداود والطبري وإسحاق بن راهويه وابن حزم ، والقول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين على أنه وصية وجبت في ماله إذا لم يوص له مذهب ابن حزم ، ويؤخذ من أقوال بعض التابعين ، ورواية في مذهب الإمام أحمد " .
   وهذا النص يفيد أمرين :
الأمر الأول :-  وجوب الوصية .  والآية تفيد وجوب الوصية من وجهين :
       1-
لفظ : (كتب) فإنه بمعنى : فُرض .
      2-
قوله : (حقا على المتقين) فهو من الألفاظ التي تدل على الوجوب .
 الأمر الثاني :-  أنه إذا لم يوص ، فإنه تنفذ الوصية بغير إرادته ، بحكم القانون ، ونسبوا هذا إلى ابن حزم رحمه الله ، .
وقد اختلف العلماء في هذه الآية هل هي منسوخة أم لا ؟
ألا أن المذكرة التفسيرية قد انتهت إلى أنها غير منسوخة بالكلية خلافاً للجمهور,وأن المنسوخ منها هو وجوب الوصية للأقربين الوارثين بآية سورة النساء, أما الأقارب غير الوارثين فيبقى أمرهم على الوجوب ،وهو قول بعض التابعين والظاهرية واختيار بعض المفسرين, والقول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين على أنها وصية وجبت في ماله إذا لم يوص لهم هو مذهب ابن حزم الظاهري وبعض فقهاء التابعين ورواية عن الإمام أحمد, وأخذاً من قاعدة مقررة عند الحنفية وغيرهم من أن أمر الإمام بالمندوب أو المباح يجعله واجباً.
وعليه فقد أخذ القانون بهذا المذهب لمعالجة قضية حرمان الحفدة من ميراث جدهم أو جدتهم وهناك أعمام لهم وهم المعروفون بأولاد المحروم , وخرّج عليه الوصية الواجبة وقصرها على أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه سدا لهذه الحاجة التي تفاقمت في هذا العصر ، فكان أصل المسألة مخرجا على هذا القول ، وكان تفريعها وتكييفها المعاصر أمرا اجتهاديا من واضعي القانون .
سادسا :-  من حجج أنصار الوصية الواجبة :-

أولا :-  أن مسألة الوصية الواجبة تبقى اجتهادية داخلة تحت قواعد الاجتهاد ,وليست مخالفة لنص لامناص من الوقوف عنده , فقد نص القانون على أنها وصية , وهي مذكورة في باب  الوصايا وليس في باب المواريث , وهي فوق ذلك مشروطة بعدم إيصاء الجد  للحفيد أو هبته له  ما يساوي الوصية في حياته من غير مقابل , وهذا شرط مهمٌ يغفل عنه منتقدوا القانون ، والوصية المذكورة خاصة بأولاد الابن خلافا للقانون المصري الذي تطرف في ا لمسألة بالإيصاء إلى أولاد الابنة , وهي مخرّجة على قواعد بعض فقهاء المسلمين وليس على القواعد الوضعية للقوانين  , وقد أقرها وأيدها جمهرة من علماء العصر الذين لا يشك في دينهم , وقد مضى على العمل بها في مصر والشام قرابة ستين عاما , وانتشر العمل بها في كثير من الدول الإسلامية بعد ذلك , فهي ليست قرارا سياسيا لدولة معينة أو حاكم أو حزب , ولم يبق إلا كونها اجتهادا يرفضه بعض العلماء ,فإذا علمنا أن الاجتهاد وإن كان ضعيفا يعمل به إذا حكم به القضاء , عند جمهور الفقهاء , مادام اجتهادا مخرجا على قواعد الاجتهاد ,  علمنا أن حكم القاضي يرفع الخلاف في المسألة من الناحية العملية, ويبقى الأمر متعلقا بالترجيح الفقهي, ولا مانع من أن يتمسك كل فريق بما يراه صوابا ويقيم الدليل على ذلك وفق مناهج أهل العلم .

 ثانيا :-  إن غالب المستحقين لهذه الوصية وفق القانون هم من الصغار الأيتام المحتاجين ، وفي حكم القضاء لهم بهذه الوصية  حقٌ , أو شبهة حق إذا سلمنا بضعف دليلها , وفي حال وجود هذه الشبهة لا يحل الإفتاء للأعمام بحرمان أولاد أخيهم منها , فعند النزاع مع الأيتام  فإنه ينبغي الخروج من الخلاف لا الهجوم عليه, والله تعالى يقول : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) .

وإذا لاحظنا  ما آلت إليه أحوال المسلمين في هذا العصر من ضياع جلّ أحكام الإسلام وخصوصا أحكام بيت المال ونفقاته التي تحمل جميع الضعفاء والمحتاجين أدركنا مَدرَك الفقهاء الذين وضعوا القانون وأقروه  وهم يرون هؤلاء المحرومين من الميراث لا معيل لهم ولا شفيق عليهم , فكانت الوصية بالشروط السالفة مخرجا شرعيا ساقهم إليه الاجتهاد وقد رأوا أنفسهم في موقع التشريع لسد هذه الحاجة .

إن هذا يذكرنا بما أفتى به فقهاء الشافعية بعد القرن الرابع الهجري بتوريث ذوي الأرحام – وهم من لا يرث بالفرض ولا بالتعصيب كالخال – إذا لم يوجد وارث سواهم , مع أن حكم المذهب عدم توريثهم وجعل التركة في بيت مال المسلمين , وذلك لما استقر من الخلل في إدارة بيت المال مما اقتضى تغير الاجتهاد للحفاظ على مقاصد الشرع ودفعا لمفسدة أكبر من أختها , وهذا اختلا ف عصر وأوان وليس اختلاف حجة وبرهان . والمسلمون اليوم لا يملكون إلا قانون الأحوال الشخصية في جل العالم الإسلامي لتحقيق المصالح ودفع المفاسد .

ثالثا:-  إن إفتاء الشيوخ الأفاضل بمقتضى مذاهبهم خلافا للحكم القضائي في هذه المسألة وغيرها ينشىء خللا كبيرا في المجتمع وصراعا بين أفراد الأسرة الواحدة , كما أنه يحدث إرباكا من الناحية التنفيذية ,فالذي يفتي بعدم الاستحقاق هل يملك محكمة وسلطة تنفيذية لإمضاء الحكم ؟! أم أنه يغري الناس بعضهم ببعض , بين حكم القاضي الشرعي في المحكمة وإفتاء الشيخ في المسجد .

رابعا :-   إن الاجتهاد داخلٌ في العديد من مسائل المواريث المحتملة , وبعضه أظهر من بعض , ومن أهمها الجد مع الإخوة , والمسألة المشتركة وغيرها , حتى العول الذي ذهب إليه الجمهور عند زيادة السهام على التركة فقد ذهب ابن عباس إلى عدم القول به أصلا مما يؤسس لمذهب إرثي مخالف لما ذهب إليه الجمهور .
 فهل يسوغ للجد الذي شركه القانون مع الإخوة في التركة  كما هو مذهب الجمهور أن يعتصم بفتاوى الحنفية  ويرمي الإخوة بأنهم يتناولون مالا حراما لا يحل لهم ؟! والإخوة بدورهم هل سيسلكون هذا المسلك في حال اعتماد قول الحنفية قضاءً ,ساعين للعمل بمذهب الجمهور الذي يورثهم مع الجد ؟!

إن في هذا خللا واضحا لأن القضاء لا يأخذ إلا بقول واحد في كل مسألة بعكس الفتاوى التي تتعدد بعدد الأقوال .

والخلاصة :-  أنني أرى عدم جواز منازعة المستحقين للوصية الواجبة بالشروط التي نص عليها القانون عموما , وخصوصا إذا كانوا أيتاما أو محتاجين ,ما دام القضاء الشرعي يحكم لهم بذلك ,وهذا بغض النظر عن الترجيح الفقهي في المسألة , فما يذكر في حلقات الدروس ومدرجات الجامعات شيء ,وما يصدر حكما قضائيا شرعيا واجب الأتباع شيء آخر .
                                               والله تعالى أعلم ،،،
( رأي الأستاذ الشيخ / عبد القادر الخطيب " خطيب جامع بني أمية الكبير " )
المحكم لدى المحاكم الشرعية بدمشق, وأستاذ العلوم الشرعية بمعاهدها



المبحث الثالث
الآراء المعارضة  للوصية الواجبة وحجيتها وأسندها
ويستند الرأي المعارض للوصية الواجبة إلى ذات الآية في قوله تعالى :-
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة/180 ،
فذهب الجمهور إلى أن هذه الآية منسوخة ( ومنهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ) ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :-
1- أن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من لم ينقل عنهم وصايا ، ولم ينقل نكير لذلك ، ولو كانت واجبة لم يخلوا به ، ولنقل عنهم العمل بها نقلاً ظاهراً .
2- أن
الوصية عطية ، والعطية  تجب في الحياة ، فلا تجب بعد الوفاة .
3- أن الوصية للوارث نسخت بآيات المواريث عند الجمهور أو نسخت بحديث ( لا وصية لوارث ) عند بعض العلماء ، فنُسخت هذه الآية في جملة معناها وأحكامها ، ومن أحكامها : الوصية للأقارب
وقال ابن عبد البر رحمه الله : "أجمعوا على أن الوصية غير واجبة إلا طائفة شذت فأوجبتها" امن "التمهيد" (14/292) .
وروى أبو داود (2869) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال
: ( "إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ" ) فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ صححه الألباني في "صحيح أبي داود"
وذهب بعض السلف ، (وقال به ابن عباس رضي الله عنهما في إحدى الروايتين عنه) إلى أن الآية ليست منسوخة ، بل خُصَّ
منها الوصية للأقارب الوارثين ، وبقي الوجوب في حق غير الوارثين .
فهذه الآية نسخت إما بآيات المواريث، أو بحديث: ( لا وصية لوارث).
                        انظر: "المغني" (8/391)، "المحلى" (9/312).
الانتقادات الموجهة إلى هذه الوصية الواجبة ( القانونية )  
الانتقاد الأول
1-    وهذه الوصيةوإن كانوا هم يسمونها "وصية" – إلا أنها في حقيقة الأمر "ميراث" ولذلك قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "شرح قانون الوصية" (ص 239) بعد أن ذكر أحكام الوصية في القانون ، قال : "هذه خلاصة أحكام الوصية الواجبة . . . وهذه الأحكام في غايتها ومرماها وفي الغرض منها والسبب الباعث عليها تنحو نحو الميراث ، فالقانون جعل بهذه الوصية لأولاد من يموت في حياة أبويه ميراثاً مفروضاً ، هو ميراثه الذي كان يستحقه لو بقي بعد وفاة أصله ، على ألا يتجاوز الثلث ، وإذا كان هذا غاية القانون ، فكل الأحكام تتجه إلى جعل هذه الوصية ميراثاً ، ولذا تجب من غير إيجاب ، وإذا وجبت صارت لازمة ، لا تقبل عدم التنفيذ ، وبذلك تشابهت مع الميراث"
وإذا كانت ميراثا فهي باطلة بطلانا قطعيا ، لأن الله تعالى قد قسم المواريث بنفسه وبينها في كتابه تفصيلا ، ثم قال : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13-14 .
فهذه الوصية الواجبة ما هي إلا استدراك وتعديل على حكم الله تعالى ، وكفى بهذا إثما وضلالا مبينا ، فإنه لا أحد أحسن حكما من الله عز وجل ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/50. 
الانتقاد الثاني
أن الآية التي استدلوا بها على مشروعية هذه الوصية  قد خالفوها من ثلاثة أوجه .
الوجه الأول :-   قوله تعالى : ( إن ترك خيرا ) فهذا تقييد للأمر بالوصية فلا يؤمر بالوصية إلا من ترك خيرا ، وهو المال الكثير .
 قاله علي وابن عباس رضي الله عنهم ، وقد اختلف العلماء في مقداره ، واختار ابن قدامة رحمه الله أن المراد بذلك المال الكثير الذي يفضل منه شيء بعد إغناء الورثة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل المنع من الوصية بأكثر من الثلث بقوله : (أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري (1296) ومسلم (1628). انظر : "المغني" (8/391) .
فهذا القيد (إن ترك خيرا) شرط للوجوب كما هو ظاهر ، والقانون أهمل هذا الشرط ، وأعطاهم جزءاً من التركة سواء ترك الميت مالاً كثيراً أم قليلاً .
الوجه الثاني :-  قوله تعالى : (والأقربين) عام في جميع الأقربين ، فيشمل الأحفاد والإخوة وأولادهم ، والأعمام والأخوال وأولادهم ، وغيرهم من الأقارب ، فتخصيصه بالأحفاد مخالفة أخرى للآية .

الوجه الثالث :-  الآية لم تحدد الوصية بقدر معين ،
لا نصيب الأب ولا غيره ، فإذا أوصى الرجل مثلاً لحفيده بالسدس فقد امتثل الأمر الوارد في الآية ، غير أن القانون لا يكتفي بهذا ، بل يكمل له نصيب أبيه الذي لو فرض أنه كان حيا لأخذه ، بشرط ألا يزيد على الثلث ، وهذه مخالفة ثالثة للآية .
الانتقاد الثالث
- سبب تشريع القانون كما في المذكرة التفسيرية تكرر الشكوى عن حالة موت الأب في حياة أبيه ويترك أولاده صغارا فقراء محتاجين ثم يموت الجد ويأخذ أعمامهم الميراث كله ، ويبقى هؤلاء الأحفاد فقراء ، في حين أن أباهم لو كان حياً لكان له نصيب من الميراث .
فإن كان هذا هو سبب تشريع القانون ، فلماذا أعطى القانون الأحفاد جزءاً من التركة ولم يشترط فقرهم ؟ بل أعطاهم ولو كانوا أغنياء ، وكان الواجب الاقتصار على حالة الحاجة .
قال الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله (ص244) : " والحق أننا إن أخذنا بالوجوب ( يعني وجوب الوصية ) يجب أن نعتبر الاحتياج ، لأن الوصايا من باب الصدقات فيجب أن تكون للفقراء ، ولأن الوصية الواجبة تقدم على غيرها فيجب أن تكون القربة فيها أوضح ".
 كما قصر القانون الأقارب الذين يستحقون هذه الوصية على الأحفاد فقط ، وأعطاهم نصيب أبيهم ، وقد يفهم من القانون أن هذا مذهب ابن حزم رحمه الله ، وليس هذا مذهبه ، فابن حزم رحمه الله لا يخص الوصية بالأحفاد بل تكون لجميع الأقارب غير الوارثين ، ويوجب على الموصي أن يوصي لثلاثة من أقاربه على الأقل ، لأن هذا هو أقل الجمع ، ثم إن ابن حزم رحمه الله لم يحدد الجزء من المال الموصى به بمقدار معين ، بل بما يشاء الميت ، فإن لم يوص فالورثة أو الوصي هم الذين يحددون مقدار ما يخرجونه من المال للأقارب .
قال ابن حزم رحمه الله : " فمن مات ولم يوص : ففرضٌ أن يُتصدق عنه بما تيسر ، ولا بد ; لأن فرض الوصية واجب , كما أوردنا , فصح أنه قد وجب أن يخرج شيء من ماله بعد الموت , فإذ ذلك كذلك فقد سقط ملكه عما وجب إخراجه من ماله .
 ولا حدّ في ذلك إلا ما رآه الورثة , أو الوصي مما لا إجحاف فيه على الورثة " . إلى أن قال : " وفرضٌ على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون , إما لرقٍّ , وإما لكفر , وإما لأن هنالك من يحجبهم عن الميراث ، أو لأنهم لا يرثون فيوصي لهم بما طابت به نفسه , لا حدّ في ذلك , فإن لم يفعل أُعطوا ولا بدّ ما رآه الورثةُ , أو الوصيُّ "  من "المحلى" (8/351) فهذا ابن حزم يصرح أنه لا حد لهذه الوصية .
الانتقاد الرابع
 هذه الوصية بهذا التفصيل الوارد في القانون ، لم يقل بها أحد من علماء الإسلام قاطبة على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان ، وكفى بهذا دليلاً على بطلان هذا القانون ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ) رواه الترمذي (2167) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فلو كانت هذه
الوصية بهذا التفصيل حقاً ، لما تركت الأمة بأسرها العمل بها ، حتى يأتي هؤلاء المتأخرون وينصفون من ظلمه الأئمة والعلماء والمسلمون على مدار أربعة عشر قرناً !!
الانتقاد الخامس
 هناك حالات كثيرة إذا تأملها الإنسان المنصف تبين له بطلان هذا القانون ، ومنها :
أ- قد يكون الأحفاد أغنياء وأعمامهم (أولاد الميت) فقراء ، والقانون في هذه الحالة أيضاً يعطي الأحفاد جزءاً من التركة تحت مسمى "الوصية الواجبة" ! مع أن أعمامهم أولى بهذا المال منهم ، لأنهم أقرب إلى الميت منهم ، ولحاجتهم إليه .
ب - لماذا يراعي القانون الأحفاد ولا يراعي الأجداد والجدات غير الوارثين ، مع أنهم في الغالب أشد حاجة ويكونون مرضى ، وعاجزين عن العمل ، ويحتاجون إلى علاج ونفقات فلماذا يعطي القانون بنت البنت ولا يعطي أم الأب مثلاً مع انها من ذوي القربة  ؟!
ج - أن بنت البنت قد تأخذ أكثر مما ترثه بنت الابن ، فلو مات شخص عن بنت ، وبنت بنت متوفاة ، وبنت ابن ، وترك 30 فدانا مثلا ، فإن مقدار الوصية الواجبة لبنت البنت هنا هو ثلث التركة وهو 10 أفدنة نصيب أمها لو كانت حية وتأخذ البنت وبنت الابن الباقي فرضا وردا بنسبة 1:3 ، فيكون نصيب بنت الابن خمسة أفدنة أي نصف ما أخذته بنت البنت !!
مع أن بنت الابن أحق منها ، ولذلك انعقد إجماع العلماء على أن بنت الابن ترث ، وأن بنت البنت لا ترث ، فكيف يُعطى غير الوارث أكثر من الوارث ، مع أنهما في درجة قرابة واحدة ؟!
د - أن بنت الابن قد تأخذ أكثر من البنت ، وذلك فيما إذا مات شخص عن بنتين ، وبنت ابن متوفى ، وأخت شقيقة، وترك 18 فدانا مثلا ، فإن مقدار الوصية لبنت الابن ثلث التركة وهو 6 أفدنة ، أما الباقي فيقسم بين البنتين والأخت الشقيقة ، فتأخذ البنتان الثلثين 8 أفدنة ، لكل منهما 4 أفدنة ، وتأخذ الأخت الشقيقة الباقي وهي 4 أفدنة !!
وهذا الشذوذ والاختلاف دليل على نقص البشر ، وتصديق لقوله تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) النساء/82 .
وأقوى هذه الاعتراضات على القانون
اولا :-  أن هذه الوصية صارت في حقيقة الأمر ميراثاً ، ولذلك يأخذ الأحفاد هذا النصيب  وإن لم  يوص الميت لهم  بشيء   ويأخذونه  ســـواء  ترك مالا  كثيرا  أو قليلاً ،  سواء كانوا  فقراء  أم  أغنياء ، وهذه كله يدل على أنها ميراث ، وهذا اعتراض منهم على حكم الله تعالى وتغيير له .
ثانيا :-  وأما الحالة التي زعموا أنهم وضعوا هذا القانون علاجاً لها ، وهي "فقر الأحفاد" فيمكن حلها بطرق لا تتعارض مع الشرع .
الطريقة الأولى :   أن يُعَلَّم الأغنياء أنه يجب عليهم أو على أقل تقدير يستحب أن يوصوا لأقاربهم الفقراء بجزء من أموالهم .
الطريقة الثانية :   إذا لم يوص فإن الورثة إذا كانوا أغنياء ينبغي لهم أن يعطوا الأحفاد أو غيرهم من الأقارب الفقراء جزءا من هذا المال ، ويكون صدقة منهم وصلة للرحم .
فبهاتين الطريقتين يمكن علاج تلك المشكلة من غير الوقوع في مخالفة الشرع . 
ثالثاً:  أما أخذ المال بهذه الوصية ، فهو حرام ، لقول الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) النساء/30 .
وأكل المال بالباطل هو أخذه من غير سبب شرعي يبيح ذلك .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ) رواه البخاري (67) ومسلم (1679) .
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا . 
                           ( رأي الأستاذ الشيخ / محمد صالح المنجد )
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

هذه مشكلة الابن حينما يتوفى في حياة أبيه وله أولاد وذرية من بعده . فحينما يتوفى الجد بعد ذلك، هنالك يرث الأعمام والعمات تركة الأب، وأبناء الابن لا شيء لهم.
هذا في الواقع من ناحية الميراث صحيح، وهو أن أولاد الابن لا يرثون جدهم ما دام الأبناء أنفسهم موجودين، ذلك لأن الميراث قائم على قواعد معينة وهي أن الأقرب درجة يحجب الأبعد درجة، فهنا مات الأب وله أبناء وله أبناء أبناء، ففي هذه الحالة، يرث الأبناء، أما أبناء الأبناء فلا يرثون، لأن الأبناء درجتهم أقرب، فهي بدرجة واحدة وأما أبناء الأبناء فقرابتهم بدرجتين، أو بواسطة، فعندئذ لا يرث أبناء الابن.
كما لو مات الإنسان وله إخوة أشقاء وإخوة غير أشقاء، فالأشقاء يرثون وغير الأشقاء لا يرثون .  لماذا ؟ لأن الأشقاء أقرب، فهم يتصلون بالميت بواسطة الأب والأم، وأما غير الأشقاء فبواسطة الأب فقط . فالأقرب درجة، والأوثق صلة هو الذي يستحق الميراث ويحجب من دونه.
وهنا لا يرث الأحفاد من جدهم مادام أعمامهم يحجبونهم.
ولكن هل معنى هذا أن أولاد الابن المتوفى يخرجون من التركة ولا شيء لهم ؟ ! هنا يعالج الشرع هذه المسألة بعدة أمور:.

الأمر الأول
كان على الجد أن يوصي لهؤلاء الأحفاد بشيء، وهذه الوصية واجبة ومفروضة ولازمة عند بعض فقهاء السلف . فهم يرون أن فرضًا على الإنسان الوصية لبعض الأقارب ولبعض جهات الخير وخصوصًا إذا كان هؤلاء الأقارب قريبين وليس لهم ميراث، فالشرط أن يكون الموصي له غير وارث . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
                     " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث "
 ولما أنزل الله آية المواريث (البقرة: 180)، لم يعد من حق الوارث أن يوصي له، إنما يمكن الوصية لغير الوارث، مثل ابن الابن مع وجود الابن، هنا تكون الوصية واجبة، كما جاء في القرآن الكريم بظاهر قوله تعالى:
 (كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف، حقًا على المتقين) .
 وكلمة " كُتب " تفيد الفرضية بل تأكيد الفرضية، كما في قوله تعالى:
 (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) (البقرة: 316).
وفي قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى )
 وفي قوله تعالى: ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ). (البقرة: 183).
فهنا، كتب الله الوصية على من ترك خيرًا أي مالاً يعتد به، لمن لا يرثون منه بالمعروف حقًا على المتقين.
فمن هنا ذهب بعض السلف إلى فرضية هذه الوصية. وبعضهم قال بأنها سنة ومستحبة وليست لازمة.
ونحن نختار المذهب الذي يأخذ بظاهر الآية بدلاً من القول بنسخ الآية، لأنه يمكن فهم الآية على هذا النحو.
وعليه كان واجبًا على الجد أن يوصي لهؤلاء الأولاد، لأنهم أبناء ابنه، قرابة قريبة ولأنهم كما قالوا فقراء، ولأنهم يتامى " فقد اجتمع عليهم اليتم والفقر والحرمان، وقد كان على الجد أن يتدارك هذا أن يوصي لهم بشيء، في حدود الثلث . لأن الوصية في الشرع الإسلامي لا تزيد عن الثلث . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص حين سأله عما يوصي به من ماله فأجاب " الثلث - والثلث كثير ". (متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص).
هذا ما كان ينبغي أن يفعله الجد.
وبعض البلاد العربية اتخذت من هذه الآية، ومن هذا المذهب الذي يقول بها مبدأ لقانون في الأحوال الشخصية سموه " قانون الوصية الواجبة ".
مفاده بأن على الجد أن يوصي لأحفاده الذين لا يرثون بنصيب أبيهم بشرط ألا يزيد عن الثلث . . . أي أن لهم الحد الأدنى من الثلث أو نصيب الأب.
وألزم القانون الجد بهذا إلزامًا بحيث يصبح معمولاً به لأن كثيرًا من الأجداد لم يكونوا يراعون هذا، ولم يوصوا لأحفادهم، فاجتهد هؤلاء الفقهاء، اجتهادًا جيدًا، وقالوا بالوصية الواجبة التي بينتها.
الأمر الثاني
يتدارك الشرع به مثل هذا الموقف ، وهو أنه كان على الأعمام حين اقتسموا تركة أبيهم أن يعطوا شيئًا من هذه التركة لأولاد أخيهم وهذا ما نص عليه القرآن، حيث قال في سورة النساء التي ذكرت فيها المواريث (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا) إذ كيف يحضر هؤلاء القسمة، والأموال توزع، وهم ينظرون، ولا يعطون شيئًا ؟ وقد قدم أولي القربى لأنهم أحق، فما بالك بأبناء الأخ اليتامى الذي كان أبوهم واحدًا منهم، فكان على الأعمام أن يعطوا هؤلاء شيئًا يتفق عليه الأعمام بحيث يكون كافيًا يكفل حاجتهم، وخاصة إذا كانت التركة كبيرة.
وإذا كان الجد مقصرًا، فقد كان على الأعمام أن يتداركوا هذا التقصير ويعطوا هؤلاء لأنهم من أقرب أولي القربى.
الأمر الثالث
يتدارك به الشرع هذا الموقف وهو: قانون النفقات في الإسلام.
إن الإسلام تميز عن سائر الشرائع بفرض النفقة على الموسر من أجل قريبه المعسر، وخاصة إذا كان من حق أحدهما أن يرث الآخر، كما هو المذهب الحنبلي، وكذلك إذا كان ذا رحم محرم كما هو المذهب الحنفي . وذلك مثل ابن الأخ.
 ففي هذه الحالة تكون النفقة واجبة، وتحكم بها المحكمة، إذا رفعت إليها قضية من هذا القبيل.
إنه لا ينبغي للعم أن يكون ذا بسطة وثروة، وعنده بنات أخيه أو أبناء أخيه وليس لديهم شيء ومع هذا يدعهم، ويدع أمهم المسكينة تكدح عليهم وهو من أهل اليسار والغنى . . . هذا لا يجوز في شرع الإسلام و بهذا انفرد شرع الإسلام وتميز.   
                                          والله أعلم ،،،،، .

المبحث الرابع
خلاصة البحث ورأي الباحث في الوصية الواجبة

بعد أن تعرضا للآراء المؤيدة والمعارضة للوصية الواجبة ورأينا أن لكل منهما أسانيده وحججه الشرعية في قبول ورفض الوصية الواجبة وقد وجدنا أن الآخذين بفرضه الوصية الواجبة قد اجتهدوا في فهم النص الشرعي  وانتهوا إلى فرضية الوصية وهم أصحاب رأى وحجة قد يصادفهم الصواب والخطأ ولا عيب في ذلك في حكم الاجتهاد .
ألا أننا قد وجدنا أن المشرع الوضعي قد خالف ما اجتمع عليه فقهاء المسلمين من المؤيدين لتطبيق فرضية الوصية الواجبة على الوجه الأتي :-
 1)- ان المشرع الوضعي عند تطبيقه لمبدأ الأخذ بالوصية الواجبة قد قيد واسعا حيث اقتصر تطبيق الوصية الواجبة على الأحفاد من أبناء الابن وان نزلوا وعلى أبناء البنت لفرض واحد ، وهو ما يعد في ذاته مخالفة شرعية لصريح وظاهر النص الشرعي كون من قال بوجوب الوصية من الفقهاء قال بها كوجوب ديني وليس قضائي إلا ابن حزم في قول ضعيف وهو رغم ذلك لم يحدد المقدار كونه قول بلا دليل ذلك أن الله سبحانه وتعالى أطلق الأمر في آية الوصية السابقة وكل تقييد لها من غير دليل تشريع وهو محرم لأن لله وحده صاحب التشريع لقوله تعالى      ( إن الحكم إلا لله) .
 وحتى قول ابن حزم بوجوب الوصية للأقرباء من غير الوارثين لم يحددها بأولاد الابن المتوفى قبل أبيه ولا بالفروع أصلاً وليس له التحديد كون الآية جاءت مطلقة من كل قيد إلا كونهم أقرباء .
2)- ان المشرع الوضعي عند تطبيقه لمبدأ الأخذ بالوصية الواجبة فرضها قضاءا  فى حين أن الوصية لغة وشرعاً هي فعل إرادي  يصدر من الموصى حال حياته  فان لم يتركها لا تفرض على الورثة الشرعيين خلافا لرغبة المورث الذي لم يترك وصية حال حياته وإن كانت الوصية  أمر مستحب ديانة فهي أمر ديني وليس قضائي ويحث الشرع الكريم عليه لكنها بالنهاية ليست أمراً إلزامياً فمن شروطها الاختيار وفي حال فقدان هذا الشرط تعتبر باطلة فالمكره والفاقد لإرادته لأي سبب كان لا تصح وصيته كذلك لا تصح وصية الهازل ويمكن أن يتوفى المرء دون أن يكون قد أوصى بشيء معين إلا أن القانون جعلها ملزمة وورد الموصى لهم في وثيقة حصر الإرث خلافاً لرغبة المتوفى والورثة وهذا بعيد عن مقاصد الشرع وآيات المواريث من شروط الموصي أن يكون عاقلاً رشيداً و إلا لما صحت الوصية بينما في الوصية الواجبة الأولاد يأخذون الحصة المفروضة لهم قانوناً مهما كان حال المتوفى سواء كان عاقلاً أم لا وهذا من أحكام الإرث وليس الوصية  .
  3 )- ان المشرع الوضعي عند تطبيقه لمبدأ الأخذ بالوصية الواجبة جعلها بمثابة توريث جبريا خروجا على مبادىء ومفاهيم الوصية في الشرع فالوصية الواجبة وان اطلق عليها هذا الاسم لكنها أقرب للتوريث الجبري الذي لا إرادة للمتوفى فيه .كونه من شـروط انعقاد الوصية القبول من الموصى له وعدم ردها فالموصى له بالخيار إن شاء قبل وإن شاء رفض بالطبع إن أخذنا بأحكام الوصية ولكن من الناحية الفعلية بالنسبة للوصية الواجبة تنطبق عليها أحكام التوريث فهي لا تنتظر القبول كما أن وثيقة حصر الإرث تعتبر غير صحيحة في حال عدم ورود أسماء الموصى لهم فهم ينضمون في هذه الوثيقة لباقي الورثة فأصبحت إرثاً وليس وصية وهو مخالف لمقاصد الشرع . فيرى بعض علماء الشريعة في الوصية الواجبة حكما من غير دليل  خالف فيه القانون الشرع , لأن المذاهب الأربعة لم تنص عليها .
4) كما انه مما يوجه للوصية الواجبة من انتقادات انه قد أثارت العديد من المشكلات العملية عند تطبيقها .
ففي القانون المصري : اختلف شراحه في طريقة حساب الوصية الواجبة لعدم وضوح نص المادة القانونية التي فرضتها حيث ورد المقدار في المادة 76 منه كالآتي ( ..... وجبت للفرع في التركة وصية بمقدار هذا النصيب )
آ ـ فذهب بعضهم إلى قسم التركة واعتبار الابن المتوفى حياً ثم نقل ما يستحقه إلى أولاده .
وقد أخذ على هذا الحل مآخذ عدة منها :-
 1 ـ أنه قد يؤدي لحجب بعض الورثة كلياً أو جزئياً وهو ما لم يقصده القانون .
مثاله : رجل توفي عن زوجة وأربع بنات وأخت شقيقة وبنت ابن توفي والدها قبل جدها     فإذا فرضنا أن الابن متوفى حياً كان له 14 سهماً أعطيت لابنته وحجبت الأخت الشقيقة عن الإرث كلية وهذا مخالف لقواعد الإرث إذا لم يحجب الشارع بالأموات .
2 ـ كما أخذ عليه  إلى أن المتوفى قد تكون حصته أحياناً على حساب الأولاد فقط دون سائر الورثة وهو مخالف للقانون الذي اعتبر تلك الحصة وصية تؤخذ من أصل التركة على حساب كل الورثة لا إرثاً .
مثاله : رجل توفي عن زوجة وأم وأب وبنت وابن وبنت ابن توفي والدها قبل أصله فالمسألة هنا من ( 120 ) سهماً نصيب الأولاد منها ( 65 ) سهماً بنت الابن منها 26 سهماً على حساب الابن والبنت دون أن ينقص شيئاً من حصة الزوجة والأب والأم وهذا مخالف للقانون كون الوصية الواجبة وصية لا إرث إي تخصم من كامل التركة وحصص الورثة .
 ب ـ وذهب بعض الشراح إلى حل آخر : وهو توزيع التركة بين الأحياء فقط ثم يعطى أولاد الابن حصة مساوية لحصة ابن وتضاف على أصل المسألة ثم توزع التركة على الأصل الجديد.
مثاله : امرأة توفيت عن زوج وبنت وابن وبنت ابن توفي أبوها قبل جدها فأصل المسألة من
( 4 ) أسهم للزوج سهم واحد وللابن سهمين وللبنت سهم فيعطى لبنت الابن حصة أبيها وهي سهمان فتعول المسألة إلى 6 أسهم بدلاً من ( 4 ) أسهم وقد أخذ على هذا الحل إن بنت الابن استحقت بالوصية الواجبة أكثر مما يستحقه أبوها لو كان حياً لأنه لو كان حياً لأستحق 6 / 20 وهي أقل من 2 / 6 وهو مناف للمنطق لأن بنت الابن لم تستحق حصة في الوصية الوارثة إلا عن طريق أبيها فليس معقولاً أن تستحق أكثر منه .
ج ـ وذهب آخرون لحل مقبول أكثر من الحلين السابقين : وهو أن يجعل لابن المتوفى حياً فيدفع حصته لأولاده ثم يعاد توزيع الباقي من جديد على الورثة بعد حذفه بالكلية وهذا يوفر محاذير الحلين السابقين .
مثال : رجل توفي عن أب وأم وبنتين وابن وبنت ابن توفي أبوها قبل جدها فالمسألة تكون من 108 سهماً يكون لبنت الابن فيها ( 24 ) أسهم من حصة أبيها ثم يعاد التوزيع لـ ( 84 ) سهماً على الورثة من جديد بعد حذف بنت الابن بالكلية فتكون المسألة النهائية من ( 108 ) أسهم للبنتين ( 28 ) سهماً وللابن ( 28 ) سهماً وللأب 14 سهماً وللأم 14 سهماً ولبنت الابن 24 سهماً وبذلك لا تأخذ بنت الابن أكثر من الابن من جهة ولا يحجب أحد بها ولا بأبيها من الورثـة من جهة ثانية وتكون حصتها من أصل المسـألة وليـس من حصة الأولاد فقط من جهة ثالثـة .
*** ونخلص من هذا الشذوذ والاختلاف دليل على نقص البشر ، وتصديق لقوله تعالى :     ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) النساء/82 .
لذلك فإننا نري أن الوصية هي امر مستحب دينا ولا تفرض بقانون كون الشارع الحكيم قد فصل آيات الميراث وأعطي كل ذي حق حقه فلو أراد الشارع فرض الوصية الواجبة بالشكل الذي اتجه إليه المشرع الوضعي لنص عليه في آيات المواريث وحدد مقداره حتى لا تقع ألامه في الاختلاف والجدل حول الوصية ....
 ونري أن تكون الوصية اختيارية للموصي حال حياته ولا تكون قاصرة على احد بعينة من الأقارب ويراعي فيها حاجة الموصي له المادية يسرا وعسرا ...
ونهيب بالعلماء الأمة بتوجيه الخطاب الديني لعامة الناس وتبصرتهم بأمور الوصية وحسهم عليها بحيث يجب على كل مسلم ان يترك حالة حياته وصية لمن يراهم فقراء من ذوي القربة مما لا يرثون فيه  .
في النهاية فما توصلنا إليه من رأي ما هو ألا اجتهاد أريد به وجه الله
فان أصبنا كان الأجر والثواب وان اخطئا بغير عمدا او قصد فنسال الله
العفو والغفران ،،،،

والله نسأل أن يكون هذا العمل خاصا لوجه الكريم وان يلهمنا السداد فى أعمالنا والصواب في أقوالنا فهو الموفق والهادي وهو نعم المولي ونعم النصير